قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين 178}
  «وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» لا نهاية له في الشدة والعظم «إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْكُفْرَ» استبدلوا الكفر «بِالإيمَانِ» يعني اختاروا الكفر وتركوا الإيمان، وذكر الشراء توسعًا، وقيل: إنما ذكر الشراء لأنهم ارتدوا، وقيل: نافقوا «لَنْ يَضُرُّوا اللَّه شَيئًا»؛ قيل: إن ضرر فعلهم لا يعود عليه تعالى بل يعود عليهم وإنما كرر «لَنْ يَضُرُّوا اللَّه شَيْئًا» لأنه ذكر الأول تسلية للنبي ÷ وللمؤمنين، والثاني لأن ضرره عائد عليهم، وقيل: بل ذكره تأكيدًا عن أبي مسلم «وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ» أي موجع.
  · الأحكام: تدل الآية على أن على الرسول الدعاء وليس عليه الاغتمام بأمرهم.
  وتدل أن ضرر كفرهم عائد عليهم، وكذلك كل عمل، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ.
  وتدل على أن المسارعة والشراء فِعْلُهم، فيبطل قولهم في المخلوق، ولا حجة لهم في قوله: «يُرِيدُ اللَّه أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ» لأنا نقول: إنه تعالى يريد عقابهم جزاء على كفرهم ولا يريد إثابتهم، وإنما كان لهم حجة لو قال: يريد اللَّه كفرهم.
قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ١٧٨}
  · القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {وَلا يَحسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}، {وَلَا يَحسَبَنَّ الَّذِينَ يبخَلُونَ} و {لَا تَحسَبَنَّ الَّذِينَ يَفرَحُونَ} و {فَلَا تحْسَبنَّهُم} الأربعة بالياء وضم الباء في قوله: «فلا تحسبنهم». وقرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر ويعقوب بالياء إلا قوله: «فلا تحسبنهم» فإنه بالتاء، وقرأ حمزة كلها بالتاء، وقرأ عاصم والكسائي وخلف «لا تحسبن الَّذِينَ كفروا» و «لا تحسبن الَّذِينَ يبخلون» بالياء والباقي بالتاء، واختلافهم في فتح السين