التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يابني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون 27 وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون 28}

صفحة 2533 - الجزء 4

  توحيده وعدله، وقيل: لباس التقوى الذي هو من آيات اللَّه؛ لأن تعبده بالنظر فيها، وقيل: اللباس خير لكم؛ لأنكم تسترون به عورتكم، عن الأصم. «لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ» أي لكي يذكروا نعم ربهم، قيل: يذكروا أنه خالقهم، وأنه لا يقدر على هذه النعم إلا اللَّه، عن الأصم.

  · الأحكام: تدل الآية على عظيم نعمه - تعالى - بهذه النعم التي أعدها، واختلفوا، فذكر علي بن موسى القمي أنه يدل على وجوب ستر العورة، وقال آخرون: لا يدل، وليس في الظاهر إلا الإنعام به من حيث تقي الحر والبرد، وتستر العورة، ويتجمل به، فأما أنه واجب فيبعد في هذه الشريعة وجوبه بالخبر المستفيض والإجماع، فلا حاجة إلى الرجوع إلى شريعة أخرى.

  وتدل على أنه - تعالى - كما أنعم بنعم الدنيا أنعم بنعم الدين، فإن الأقرب أن لباس التقوى العلم والعمل الصالح، وكأنه ضم إلى نعم الدنيا نعم الدين التي بها يحصل الفوز بالثواب الذي هو الغرض في الخلق والتكليف، فيحصل له نعمة الدارين.

  وتدل أنه أراد من الجميع أن يتفكروا، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.

  وتدل أن التذكر فعلهم، فيبطل قولهم في المخلوق.

قوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٧ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٢٨}