قوله تعالى: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم 128}
  · الأحكام: الآية تدل على أن البيت بناه إبراهيم وإسماعيل، ثم يحتمل أنهما بنياه معًا.
  أو كان يبني أحدهما، والآخر يناوله الحجر، وليس في الظاهر ما يدل على أحدهما، إلا أن الأول أوجه لتحقيق الإضافة.
  وتدل على أن ذلك كان عبادة منهما؛ لأن التقبل لا يدخل إلا فيهما.
  وتدل على أن الفعل ينقلب من العادة بالنية؛ لأن بناء البيت إنما صار قربة بالنية، ولولاه لما كان عبادة فهو كالإمساك في الصوم.
  وتدل على الترغيب في الدعاء عند الفراغ من العبادة كما فعلاه.
  فأما أن يكون بناه ابتداء، أو كان، فلا ظاهر يدل على ذلك، فإذا حمل على أنه بناه إبراهيم أولاً فلا بد أن تكون هذه الآية متقدمة على الآية الأولى؛ لأنه ما لم يُبْنَ لا يصح أن يقال: رب اجعل البلد آمنًا.
قوله تعالى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ١٢٨}
  · القراءة: قرأ ابن كثير ويعقوب وأبو عمرو في بعض الروايات: «أَرْنَا» بإسكان الراء كل القرآن، ووافقهم عاصم وابن عامر في حرف واحد في حم السجدة {أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا} وقرأ أبو عمرو في الروايات الظاهرة عنه باختلاس كسرة الراء من غير إشباع كل القرآن، والباقون بالكسر مشبعة، وأصله أَرْئِنَا، بالهمزة المكسورة نقلت كسرة الهمزة إلى الراء، وحذفت الهمزة، وهو الاختيار؛ لأن أكثر القراء عليه، ولأنه سقطت الهمزة، فأما التسكين فعلى حذف الهمزة، فلا ينبغي أن تسكن الراء لئلا يجحف بالكلمة، وتذهب الدلالة على الهمزة، فأما التسكين فعلى حذف الهمزة وحركتها،