التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون 47 وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 48 والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون 49}

صفحة 2236 - الجزء 3

  وتدل على أنه يأخذ بالشدة والنعمة لطفًا على حسب ما هو أصلح للعبد.

  وتدل على التحذير من اغترارنا بالدنيا، ومن بلوغ الأوطار من حيث يتعقبه بالموت والزوال بغتة.

  وتدل على أن هلاك الظَّلَمَةِ نعمة يحمد اللَّه عليها؛ لأنه يكون نعمة على الدنيا، وقد يكون نعمة في الدين، أما نعم الدنيا فمما يزول من ظلمه وأذاه في النفس والمال، والسعي في الأرض بالفساد، وأما في الدين فبحيث يقطعه عن الفساد، وما فيه لطف ومصلحة للمكلفين واعتبار لكل ظالم ومظلوم.

  وتدل على أن عذاب الكفرة نِعْمَةٌ يجب حمد اللَّه عليها؛ لأنه يكون لطفًا، وعذاب الآخرة وإن كان حسنًا فيجوز أن يكون نعمة وسرورًا للمؤمنين، ولكن حاله في الدنيا أظهر لبقاء التكليف عليهم.

  وتدل على أن الظلم فِعْلُهُمْ، خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة.

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ٤٧ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٤٨ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ٤٩}

  · القراءة: قرأ الكسائي «يصدفون» بإشمام الزاي، والباقون بالصاد.

  · اللغة: صدف عن الشيء يَصْدِفُ: أعرض عنه صَدَفًا وصُدُوفًا، وهو صادف وصدف وصدوف، وصادفته مصادفة: أي لقيته عن إعراض عن جهته، وامرأة صَدُوفٌ: تصدف عن زوجها، والصَّدَف في الجبل: جانبه.