التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون 21 ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون 22}

صفحة 2184 - الجزء 3

  «يَعْرِفُونَهُ» يعني يعلمون النبي، ÷، وأنه نبي بما يجدونه مكتوبًا عندهم من صفته، عن الحسن وقتادة وابن جريج والسدي، وقيل: الكتاب القرآن، يعني أن المستدل به يعرف صحته فيشهدون له بما يعرفون، وقيل: يعرفون محمدا ونبوته، عن الحسن وقتادة والزجاج وأبي علي، وقيل: يعرفون الكتاب وما يدل عليه «كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ» يعني يعرفون صحته من غير شك كما يعرفون أبناءهم من [غير شك]، والمراد مَن انتسب إليه، ووُلد على فراشه، وإنما جمع بينهما في المعرفة واليقين، وإن كان أحدهما ضروريا، والآخر مكتسبًا تشبيهًا به في سكون النفس، كما يقال: بينت لك كالشمس. «الَّذِينَ خَسِرُوا» أي أهلكوا «أَنفُسَهُمْ» بالكفر «فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ» وقيل: خسروا لأنه لا مكلف إلا وله موضع في الجنة وموضع في النار، فإذا آمن واحد وكفر آخر أعطى المؤمن المكانين في الجنة، والكافر المكانين في النار.

  · الأحكام: تدل الآية على صحة المحاجة في الدين؛ لأنه تعالى أمر نبيه أن يحاجهم.

  وتدل على أن في أهل الكتاب من هو معاند، وأنه عارف صحة نبوة محمد، ÷.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة؛ لذلك خص هَؤُلَاءِ الجماعة بأنهم يعرفون، ولو كان ضروريا لا يتخصص كالمشاهدات ونحوها.

  وتدل على أن فِعْلَهم حادث من جهتهم.

  وتدل على أن معرفتهم به لا تخرجهم من أن يكونوا من أهل الكتاب، كما لا تخرجهم من أنْ يكونوا من أهل الشرك.

قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ٢١ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ٢٢}