التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل 173}

صفحة 1390 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية على عظم منزلة أولئك الَّذِينَ خرجوا مع النبي، ÷ بعدما أصابهم في الدين ما أصابهم؛ لأن معاودة الحرب بعد مثل تلك الحالة مما يعظم موقعه خصوصًا مع قلة العدد ووفور عدد العدو، فإذا صبروا وجاهدوا استحقوا ثوابًا عظيمًا، وهذا يدل على فضل الصحابة؛ لأن هذه منزلة تفردوا بها لم يشاركهم فيها غيرهم، ولذلك كانوا أعظم وأفضل ممن بعدهم.

  وتدل على أن الأجر يُسْتَحقُّ على التقوى.

  وتدل على بطلان مذهب الجبر في المخلوق؛ لأنه تعالى أضاف الإحسان والتقوى إليهم، ومدحهم به، ولو كان خلقًا له لكان إضافته إليه أولى.

قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ١٧٣}

  · الإعراب: (الَّذِينَ) في موضع جر مردود على المؤمنين تقديره: واللَّه لا يضيع أجر المؤمنين، الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ، والقوم هم الَّذِينَ استجابوا لله وللرسول.

  · النزول: قيل: لما خرج رسول اللَّه، ÷ إلى حمراء الأسد مر به معبد الخزاعي وهو يومئذ مشرك، فكانت خزاعة مع رسول اللَّه، ÷ مسلمهم وكافرهم، فقال: يا محمد، لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ثم خرج حتى لقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء، وقد أجمعوا على الرجعة، فقال: يا معبد ما وراءك؟ فقال: إن محمدًا خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثلهم، يتحرقون عليكم تحرقًا، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه يومكم، وقد ندموا على ما صنعوا، قال: ويلك ما تقول، قال: واللَّه