قوله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون 109}
  وخامسها: قوله: «كَانُوا [يَعْمَلُونَ]»، وكل ذلك يدل على صحة قولنا في خلق الأفعال والاستطاعة.
  ومنها: أنهم فعلوا ذلك بغير علم، فيبطل قول أصحاب المعارف.
  ومتى قيل: إذا كان ترك السب لطفًا لهم، وعندكم لا يجب على المكلف لطف غيره، فكيف أوجب ترك السب؟
  فجوابنا: لأنه لطف لنا كما هو لطف لهم، وبعد فإن فعله كان مفسدة لغيرنا فمنعنا عنه.
  ومنها: تدل الآية على وجوب الدعاء إلى الدين على وجه لا يؤدي إلى التنفير؛ لأن المعلوم من حال الصحابة أنهم لم يذكروا الأصنام بما لا يجوز، وإنما النهي لما يؤدي إلى الكفر والتنفير.
  ومتى قيل: قوله: «زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ» يدل على أنه زين الكفر والقبيح؛ لأن ذلك عملهم؟
  قلنا: على حد قولكم: زين عمل نفسه لأنه خلق له، ثم العمل مطلق لم يبين أي عمل هو، فأنت تحمله على ما فعلوه، ونحن نحمله على ما أمروا به كما يقال: إنه تعالى شرع لأمة محمد عمل الصلاة والحج، وبعد فإنه ذم الشيطان في مواضع بأنه يزين القبيح، فكيف يزين هو؟ فإذن المعنى ما ذكرناه.
قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ ١٠٩}