التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين 199 وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم 200}

صفحة 2819 - الجزء 4

  · الأحكام: تدل الآية على أنه - تعالى - ينصر الصالحين، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ: إنه ينصر الكفار على الأنبياء، والبغاة على أئمة الحق.

  وتدل على أن ما لا ينفع ولا يضر تقبح عبادته، ولا يستحق أن يُعْبَدَ.

  وتدل على أن النظر غير الرؤية، وأنه لا يقتضي الرؤية؛ لذلك أثبتهم ناظرين غير رائين، عن أبي علي. ومثله قولهم: نظرت إلى الهلال فلم أَرَهُ، ويقسمون النظر إلى وجوه، ولا تنقسم الرؤية، فيبطل قول من يقول: إن قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣} يقتضي الرؤية.

قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ١٩٩ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٢٠٠}

  · القراءة: قراءة العامة: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ» بضم العين في (العُرْفِ) وبسكون الراء.

  وقرأ عيسى [بن عمر] «العُرُفِ» بضم العين والراء مثل الحمل، وهما لغتان.

  · اللغة: العفو: أصله الترك، ومنه: {فَمَن عُفِيَ لَهُ من أَخِيهِ شَيءٌ} أي تُرِكَ، والعفو عن الذنب ترك الأخذ به، والعفو من المال حَلاَلُهُ وطيِّبُهُ، وقيل: العفو الفضل؛ لأنه ترك فلم ينفق، والعفو ما يترك من طيب نفس، وعفا المنزل ترك حتى درس، ومنه قول لبيد:

  عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُها