قوله تعالى: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب 52 ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم 53 كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين 54}
  وتدل على أن الملائكة تقبض الأرواح، وزعم علي بن عيسى أنه إلجاء، وهذا باطل؛ لأن الحي هو هذا الشخص الذاهب الجائي، وفي كل جزء منه حياة، وهي عرض به يحيا، والروح هو النَّفَسُ المتردد في مخارق الإنسان، فالمَلَك يقبض الروح، فأما الموت والحياة فيتعاقبان، وهما ضدان لا يقدر عليهما إلا اللَّه تعالى، ويدل قوله: «ذلك بما قدمت أيديكم» أن للعبد فعلاً، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ.
  وتدل على أنه - تعالى - منزه عن فعل الظلم، فلو كان على ما تزعمه الْمُجْبِرَة لا ظلم إلا مِنْ خَلْقِهِ، وأنه يخلق الكفر، ثم يعذب عليه لما كان ظلم أعظم من هذا، وكذلك قولهم: إنه يعذب من غير ذنب وأنه يأخذ بذنب غيره، كل ذلك ظلم، نزه اللَّه - تعالى - نفسه عن ذلك.
  وتدل على أن ظلم العباد ليس من خلقه؛ إذ لو كان خلقه لما صح نفيه عن نفسه.
  وتدل على أن الظلم مقدور له لولا ذلك لما صحّ التمدح بنفيه خلاف قول النظام.
  وتدل على أن الظلم إن وقع منه لصح وصفه بأنه ظلام، ولما صح أن ينزه بقوله: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.
  وتدل على أن المعاين يعاين الملَك، والملَك يكلمه.
قوله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ٥٢ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٥٣ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ ٥٤}