التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين 106}

صفحة 2116 - الجزء 3

  قلنا: لا؛ لأن الظاهر لا يدل إلا على أنه لا يضره ضلال غيره، ولو قيل: إنه يدل على وجوب الأمر بالمعروف لكان أقرب؛ لأن قوله: «عَلَيكُمْ أَنفُسَكُمْ» يدخل فيه كل ما لزمه القيام به من الواجبات، وتجنب المعاصي، وقوله: «إِذا اهْتَدَيْتُمْ» يدل عليه؛ لأن من جملة الاهتداء الأمر بالمعروف، كما أن فعل سائر الواجبات من ذلك، وقد روي عن أبي بكر الصديق أنه قال: إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول اللَّه ÷ على هذه الأعواد يقول: «إن الناس إذا رأوا ظالمًا فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم اللَّه بعقاب». فبين أن الآية لا تمنع وجوبه، وذكرنا عن ابن مسعود وحذيفة ما يؤيد ما قلنا، ولأنه تعالى خاطب به النبي ÷ كما خاطب أمته، ثم ذلك لم يُسْقِط عنه البلاغ والدعاء إلى الدين، كذلك لا يسقط عن أمته.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ ١٠٦}

  · القراءة: قراءة العامة «شَهَادَةُ» بغير تنوين «بَيْنِكُمْ» بالكسر على الإضافة، وقرأ الحسن «شَهَادَةٌ» بالتنوين أي: هذه شهادة بينكم. وقراءة العامة: «وَلاَ نَكتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ» بغير تنوين على الإضافة وجر الهاء، وقرأ يعقوب الحضرمي: «شهادةً» بالتنوين «آلله» بالمد