التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون 29}

صفحة 3078 - الجزء 4

  قال الشافعي: لا يجوز ألط يدخلوا المسجد الحرام، ويجوز أن يدخلوا سائر المساجد.

  وقال أبو علي وعطاء: يمنعون من الحرم كله.

  وقول الشافعي أقرب إلى الظاهر إلا أن السنة وردت بما يدل على قول أبي حنيفة، فمن المشهور أن أبا سفيان دخل مسجد النبي وهو مشرك، وأنزل وفد ثقيف في المسجد، ولما فتح مكة التجؤوا إلى البيت، وذكر علي بن موسى القمي أن عليًا لما قرأ سورة براءة ونادى كانوا في الحرم ولم يمنعوا منه، دل على أن الآية في المنع من الحج والعمرة، أو تحمل على الحربي.

  وذكر الأصم عن بعضهم أن الآية نسخت بقولة: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} قال: وليس كذلك؛ لأنه لم يكن خروج المشركين إلى الحج بأمر اللَّه فنسخه، إنما خرجوا بزوال لغير دين، فأمرهم بزوال الاعتراض.

قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ٢٩}

  · اللغة: الجزاء: المكافأة، جزيت فلانًا أجزيه جزاءً، وأجزأت عنه: إذا كافأت، وقيل: جازيته جِزَاءً بكسر الجيم إذا قابلته على فعله القبيح بمثله، ويقال: جزى يجزي إذا قضى، وتجازيت دَيْنِي إذا تقاضيته، والمتجازي المتقاضي، وجزى عني هذا