قوله تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم 106 ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين 107 أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون 108 لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون 109}
  وتدل على صحة النسخ، وهو على ثلاثة أوجه: رفع التلاوة والحكم، ورفع الحكم دون التلاوة، ورفع التلاوة دون الحكم، والأصل فيه العلم بالمصالح.
  وتدل على صحة الحجاج في الدين، لأن قوله: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} حجاج، وكذلك قوله: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ}.
  وتدل على أن الكذب طريقة أهل الكفر وأهل البدع دون المؤمنين، وأي فرية أعظم من قول من يقول: إن كل كفر وقبيح من خلق اللَّه تعالى وإرادته وقضائه، وأنه يأمر بالإيمان ويمنع منه ولا يريده، ولا يعطي القدرة، وينهى عما يريده، وأنه يخلق شيئاً ثم يأمر العبد بإبطاله والإمكان، فإذا كان لم يمكنه الانفكاك عاقبه تعالى اللَّه عن ذلك، كذلك من رمى النبيين والملائكة بالأفعال القبيحة، فأما أهل العدل فقد نزهوا اللَّه عن كل سوء وقبيح وصفة لا تليق به، وقالوا بعصمة أنبيائه وملائكته، وأضافوا إلى اللَّه كل نعمة، فهم الصادقون في صفة اللَّه تعالى، ومن خالفهم مفتر، ثم بين تعالى أنهم المفترون وذمهم به وأوعد على أنه لم يخلقه فيه ولا أراده.
قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ١٠٦ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ١٠٧ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ١٠٨ لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ١٠٩}