التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين 55 ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين 56}

صفحة 2590 - الجزء 4

  وتدل على أنه - تعالى - خلق السماوات والأرض في مدة، فتدل على تقدم مُكلَّف ليبصر خلقها على هذا الحال صلاحًا له، وإلا لم يكن للمدة معنى.

  وتدل على عظيم نعمته بهذه الأشياء وتسخيرها.

  وتدل على أن النجوم ليست بجهة، بل هي مصرفة؛ لأن التسخير يُنْبِئ عن ذلك.

  وتدل على أن له الخلق والأمر، وإن دخل في قوله: «له الخلق» فذكره لتقدم الخلق عليه، ومثله قوله تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} فعطف القرآن على الكتاب، ولا تعلق للحشوية بها؛ فإن الأمر ليس بِخَلْق.

قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ٥٥ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ٥٦}

  · اللغة: التضرع: التذلل، وهو إظهار الذل الذي في النفس، ونظيره: التخشع، يقال: يتضرع له أي: يخْشع. والخفية: خلاف العلانية. والاعتداء: تجاوز الحد. والإصلاح: نقيض الإفساد، فالصلاح: النفع الحسن، والإصلاح: النفع الذي يدعو إليه، والإفساد: إضرار بما تزجر عنه الحكمة. والطمع: توقع المحبوب، ونقيضه اليأس.

  · الإعراب: في تذكير القريب مع أن الرحمة مؤنثة أقوال: