التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون 172}

صفحة 709 - الجزء 1

  الداعي، ثم وصفهم بما يجري مجرى التوبيخ، فقال تعالى: «صُمٌّ» يعني عن استماع الحجة «بُكْمٌ» عن التكلم بالحق «عُمْيٌ» عن الإبصار لها، عن ابن عباس وقتادة والسدي، وهذا على التشبيه يعني لما لم يسمعوا الحق، ولم يتكلموا به، ولم يبصروا الأدلة ساروا بمنزلة من لا يبصر ولا يسمع ولا يتكلم كقول الشاعر:

  أَصَمُّ عَمَّا سَاءَهُ سَمِيعُ

  وقال آخر:

  لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيًّا ... وَلَكِنْ لاَ حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي

  ويحتمل أنهم على هذه الصفة يوم القيامة كقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا}.

  «فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ» قيل: لا يعلمون الحق، وقيل: هم بمنزلة من لا عقل له إذ لم ينتفعوا بعقولهم.

  · الأحكام: قال أبو علي: الآية تدل على بطلان قول أصحاب المعارف؛ لأنهم لو كانوا عالمين بصحة الدين ضرورة لم يستحقوا هذه الصفة.

  وتدل على أن من لا يقبل قول الواعظ الداعي كأنه بمنزلة البهيمة التي لا تعقل.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ١٧٢}