قوله تعالى: {قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون 47}
  إرهاصًا لنبوة عيسى #، عن أبي القاسم وأبي بكر، ولا يقال: إن في نبوة الطفل تنفيرًا؛ لأنه يكون تنفيرًا والحال كما نشاهد، فإذا تغير عن ذلك وصار كما كان عيسى فذلك يقوي حال النبوة، وتدل على أنه نبي من حال صغره إلى حال كبره؛ لأنه بعد النبوة لا يجوز عليه ما يبطل نبوته كالجنون ونحوه، وإنما يجوز ما يقارن الصحة كالنوم ونحوه، وتدل على بطلان قول اليهود في الفرية على مريم وبطلان قول النصارى في ادعاء الإلهية له، عن محمد بن جعفر بن الزبير، وقيل: تدل الآية على نزول عيسى لأنه رفع ولم يكهل، وقد قال مشايخنا: إنه ينبغي أن ينزل آخر أيام التكليف بعد رفعه.
قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٤٧}
  · اللغة: البشر: الآدمي، سموا بذلك لظهورهم، والبشرة: ظاهر جلدة الإنسان.
  والقضاء: الحكم، والقضاء: الأحكام، والقضاء يفسر على ثلاثة أوجه: بمعنى الخلق كقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} وبمعنى الإيجاب كقوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} وبمعنى البيان والإعلام كقوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ}
  والخلق: التقدير، وفي عرف الشرع إذا أطلق الخالق لا يفهم منه غير اللَّه؛ لقدرته على الاختراع، ولِعلمه بتفاصيل أفعاله، ولكونها على مقدار ما أراد.
  «كن» أَمْرٌ من كان يكون، وأصله «أكون» حذفت الواو فصار «كُنْ».
  · المعنى: لما تقدم بشارة الملائكة لمريم بعيسى بين تعجيب مريم من حالها، فقال تعالى: