التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون 137}

صفحة 2420 - الجزء 3

  وتدل على بطلان التقليد؛ لأنهم فعلوا ذلك تقليدا، وتدل على أن ما جعل اللَّه تعالى على جهة التقرب، لا يجوز صرفه إلى شيء آخر، كالنذور والصدقات والأوقاف ونحوها.

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ١٣٧}

  · القراءة: قرأ ابن عامر وحده: «وَكَذَلِكَ زُيِّنَ» بضم الزاي، وكسر الياء «قتلُ»: بضم اللام، «أولاَدَهم» بنصب الدال «شركائِهم» بالخفض. وقرأ الباقون «زَيَّنَ» بفتح الزاي والياء، «قتلَ» بفتح اللام، «أولادِهم» بكسر الدال «شُرَكَاؤُهُمْ» بالضم بالتزيين. وقرأ السلمي «زُيِّنَ» برفع الزاي، «قتلُ» برفع اللام «شركاؤهم» رفعًا.

  فأما وجه قراءة ابن عامر فَفَرَّقَ بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول على تقدير زُيِّنَ قَتْلُ شركائِهِم أولادَهُم، وأنشدوا بيتا على الشذوذ:

  فَزَجَّجْتُها بِمَزَجَّةٍ ... زَجَّ القلوص أَبِي مِزَادَهْ

  أي: زج أبي. مزادة القلوص. زججته: طعنته بالزُّجّ، قال علي بن عيسى: وهذا لا يجوز عند أكثر النحويين؛ لأن القرآن لا يحمل على الشاذ الضعيف، ولأنه إذا ضعف الفصل بالظرف حتى لم يجز إلا في ضرورة الشعر، لم يكن بعد الضعف إلا الامتناع، وقيل: إنما حمله على هذه القراءة؛ لأنه في مصاحف الشام بالياء، وعلى ذلك كان يجوز أن يكسر الأولاد على الإضافة، والشركاء علي الإتباع للأولاد بمعنى شركائهم