التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد 20}

صفحة 1122 - الجزء 2

  قال: «قَائِمًا بِالْقِسْطِ» وهو نهاية وصف فعله بالحكمة، ولو كان الكفر من خلقه ويعذب من غير جرم لم يكن قائمًا بالقسط، ويدل قوله: «إِنَّ الدِّينَ» على أن الدين والإسلام واحد، خلاف قول بعضهم، ويدل آخر الآية أن الاختلاف في الدين مذموم، وذلك يخص أصول الدين، فأما الشرعيات فكل مجتهد فيها مصيب، وتدل على عظم إظهار خلاف العلم، وتدل على وقوع المحاسبة، وذلك يدل أن أفعال العباد حادثة من جهتهم، وتدل على أنه ليس بجسم؛ إذ لوْ كان كذلك لاحتاج في المحاسبة إلى أوقات ممتدة.

قوله تعالى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ٢٠}

  · القراءة: حذف عاصم وحمزة والكسائي الياء من «اتبعني» اجتزاء بالكسرة واتباعًا للمصحف، وأثبتها الآخرون على الأصل.

  · اللغة: المحاجة: إيراد الحجة، وهي المفاعلة من الحجة، وذلك بين اثنين.

  والأمي: الذي لا يكتب نسب إلى ما عليه الأمة في الخلقة؛ لأنهم خلقوا لا يكتبون، وإنما يستفيدون الكتابة. والوجه: الجارحة المعروفة، لأنه يواجهك، ويعبر بالوجه عن النفس يقال: هذا وجه الرأي. والإبلاغ: الإيصال، والبلوغ: الوصول، يقال: هو أَحْمقَ بَلْغ أي: مع حماقته. يبلغ ما يريد.