التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون 156 أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون 157}

صفحة 661 - الجزء 1

  · الأحكام: الآية تدل على أن هذه المحن ليست بعقوبة؛ لأنه تعالى وعد بها المؤمنين، بل تكون مصلحة.

  وتدل على أن هذه الأشياء تكون نعمة لذلك أمر بالصبر عليها.

  وتدل على أن الصبر عليها يؤدي إلى درجة عظيمة؛ لذلك بشر بها.

  وتدل على أن هذه الأشياء إما أن تكون من جهته، أو بسبب من جهته حتى يجب الصبر عليها.

  إلا أن الصبر يجب على جميع ما يلحقه من جهته؛ لكونها عدلاً ومصلحة، وما يكون من جهة الظَّلَمة لا يجب الصبر عليه؛ ولذلك يجب الدفع والجهاد والأمر بالمعروف، ولكن يجب الصبر على التخلية التي هي من جهته تعالى، ويعتقد أنها لضرب من المصلحة.

  ومتى قيل: كيف يكون من جهته، وكيف يكون بسبب من جهته؟

  قلنا: ما يكون من جهته فالأمراض ونحوها التي هي فعله تعالى، وما يكون بسبب من جهته فكالخوف من الأعداء بسبب نصرة الرسول المأمور بها.

  ومتى قيل: فما الصبر في ذلك؟

  قلنا: الرضا بما ينزل به من جهته وبجميع قضاياه وترك الجزع، والاعتقادُ لحسنه، وكونه مصلحة.

قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ١٥٦ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ١٥٧}

  · القراءة: أمال الكسائي في «مصيبة» في بعض الروايات النون من «إنا» ولام «لله»، والباقون بالتفخيم، وإنما جازت الإمالة في هذه الألف للكسرة مع كثرة الاستعمال