التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما 29 ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا 30}

صفحة 1528 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية الأولى على أنه بالتكليف يضمن البيان؛ لأنه أعم، ولأن تكليف ما لا يعلم لا يجوز.

  وتدل على أن ما حرم وأباح كل ذلك كان شريعة مَنْ قبلنا على ما اختاره أبو علي.

  وتدل على أنه يريد من كل أحد التوبة خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة، وقوله: «وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيكُمْ» يؤكده.

  وتدل أنه يقع من المعاصي ما لا يريده؛ لأنه تعالى بين أن إرادته خلاف إرادة أصحاب الأهواء، وذلك أيضًا يبطل قولهم في الإرادة.

  وتدل أنه يريد ما لا يكون خلاف قولهم.

  وتدل أن الإرادة تتعلق بما لا يكون خلاف قولهم: إن ذلك يكون تمنيًا ولا يكون إرادة.

  وتدل على قبح اتباع الهوى في الديانات.

  ويدل آخر الآيات أنه لا يكلف عباده ما لا يطيقون، وذلك يبطل قولهم في الاستطاعة.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ٢٩ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ٣٠}

  · القراءة: قرأ عاصم وحمزة والكسائي: «تجارةً» بالنصب، والباقون بالرفع، والنصب على أنه خبر (كان)، تقديره: إلا أن تكون الأموال تجارة. قال الشاعر:

  إذا كانَ طَعْنًا بَيْنَهُمْ وعِنَاقًا