التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون 11 ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون 12 ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين 13 ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون 14 فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون 15 وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون 16}

صفحة 5604 - الجزء 8

  «أَنْ كَذَّبُوا»؛ لِأنن كذبوا، عن أبي علي. وقيل: حملتهم تلك الإساءة أن كذبوا بآيات الله واستهزؤوا بها.

  · الأحكام: تدل الآيات أن التفكر في النفس والخلق يؤدي إلى العلم والحق، وأن القوم ذهبوا عنه.

  وتدل أن المعارف مكتسبة.

  ويدل قوله: {إِلَّا بِالحَقِّ} على بطلان مذهب الجبر؛ لأن إثبات [أن] جميع ما خلق حق لا يمكن إلا على مذهب العدل والتوحيد، وأما على مذهب القوم فجميع الكفر والضلال والباطل خلقه وإرادته، فكيف يصح ذلك؟

  وتدل على سوء عاقبة من يعمل السوء.

  وتدل أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ لذلك أمر بالتفكر، وأضاف إليهم الكفر، وذمهم عليه، وأمرهم بالسير والتفكر في آثار من تقدم، وكذلك أضاف الإثارة إلى من تقدم، وكذلك العمارة، وبين أنهم ظلموا أنفسهم، وأن الله لم يظلمهم، ولو خلقهم للنار وخلق فيهم الكفر، وأُتُوا في جميع أفعالهم من جهته لكان هو ظَلَمَهُمْ، فيبطل قولهم في المخلوق والاستطاعة، فكَذَلِكَ التكذيب والاستهزاء الذي أوعدهم عليهما.

قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ١١ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ١٢ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ ١٣ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ١٤ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ١٥ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ١٦}