التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون 68}

صفحة 424 - الجزء 1

  وتدل على أن الأمر بذبحها كان على الوجوب.

  وتدل على أن التكليف قد يدخل فيه الإضرار بالغير، وإراقة الدم، وأنه لا بد في ذلك من عوض ليخرج إباحة قتله من حد الظلم.

  وتدل على أن التكليف مع التخيير في الأعيان يصح؛ لأن البقرة منكرة لا تعيين فيها، فلا بد أن يكون المكلف مخيرًا.

  وتدل على أن الهزء بالدين من الكبائر، وقد يبلغ حد الكفر لذلك عده جهلاً، وتعوذ منه.

  وتدل على صحة القول بالعموم؛ لأن المفسرين أجمعوا أنهم لو ذبحوا أي بقرة كانت جاز، ولو أراد ذبح بقرة بعينها لما جاز تأخير البيان.

قوله تعالى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ٦٨}

  · القراءة: أجمع القراء على «قَالُوا ادع لَنَا رَبَّكَ» وعن ابن مسعود «قالوا سل لنا ربك»، وهذا محمول على أنه فسر الدعاء به، لا أنه قراءة.

  · اللغة: التبيين: التعريف، بين، وتبين، وأصله من بان، وهو الفراق، فكأن من بين شيئًا ميّزه عما يلتبس به حتى يعرفه.

  والفارض: الضخم، يقال لكل شيء ضخم: فارض، ولحية فارض، يعني ضخمة، وأصل الفرض الثبوت، ومنه الفرض بمعنى الإيجاب لثبوته، وسميت المسنة فارضة؛ لأنها ثبتت ودامت حتى أسنت.