التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب 166 وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار 167}

صفحة 695 - الجزء 1

  الأكثر للنار، وأن جميع القبائح من خلقه، وأحد لا يأمن أن يكون خَلَقَهُ للنار، وخلق فيه الكفر والشر وقضاه، ثم يعاقبهم، ويكلفهم ما ليس إليهم ولا يقدرون عليه، وحَمَلَهم على المعاصي، ويأخذهم بغير ذنب، وأحد لا يأمن أن يأخذه بغير جريمة، ولو تفرقت هذه الخصال فَوُجِدَ واحدة منها في واحد لأبغضوه، فكيف مَنْ جَمَعَ الخصال عندهم؟!، تعالى اللَّه عما يقولون علوًّا كبيرا.

  وتدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يؤثر رضا مخلوق على رضا الخالق؛ لأنه تعالى ذمهم حيث انقادوا لقادتهم في خلاف أمره.

قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ١٦٦ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ١٦٧}

  · القراءة: · القراءة الظاهرة تقديم المتبوع على الأتباع، وقرأ مجاهد على الضد.

  · اللغة: التَّبَرِّي: التباعد للعداوة، وقيل: تبرأ اللَّه عن المشركين، فكأنه باعدهم من رحمته للعداوة التي استحقوها بمعصيته، وأصله من الانفصال، ومنه بَرَأَ من مرضه، وبرئ من الدَّين، وتبَرَّؤُوا عنهم لانفصالهم عنه بالمباينة والعدواة.

  والاتباع من تبع غيره أي اقتدى به تبعه يتبعه، ومنه: التابعون.

  والتقطع: التباعد بعد الاتصال.

  والأسباب جمع سبب، وهي الوصلة، ومنه سُمِّي الحبل سببًا؛ لأنه يتوصل إلى ما انقطع عنك من ماء بئر أو غيره.