التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا 16 قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا 17 قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا 18 أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا 19 يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسألون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا 20}

صفحة 5713 - الجزء 8

  النبي ÷ تفخيمًا «وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولاً» أي: يسأل عن الوفاء به، وإنما جاء بلفظ الماضي تأكيدًا، يعني من حق العهد المطالبة به، كقوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}⁣[الأحزاب: ٥] وقيل: الصيغة تصلح للحال أيضًا.

  · الأحكام: يدل قوله: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} الآية، على ضعف قلوبهم وكفرهم.

  ومتى قيل: إذا اعترفوا بِاللَّهِ ورسوله كيف يقولون هذا؟! وكيف كفروا؟

  قلنا: يحتمل أنهم قالوا ذلك على لفظ المؤمنين ليكون أسلم لهم، ويحتمل أنهم قالوا هذا، ولو عرفوا الله حق معرفته لما أضافوا الغرر إلى وعده.

  وتدل على أن الغرور ليس من خَلْقِهِ لذلك أنكر إضافتهم ذلك إليه.

  ويدل قوله: {وَيَسْتَأْذِنُ} أن التعلل بالعلل الكاذبة في ترك الجهاد والطاعات كبيرة.

  ويدل قوله: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ} على إيمان من تقدم منهم وعلى عظيم موقع العهد والوفاء به، فإن من التزم شيئًا يلزمه الوفاء به.

قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا ١٦ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ١٧ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا ١٨ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ١٩ يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا ٢٠}