التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين 6 واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون 7 فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم 8 وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين 9 إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون 10}

صفحة 6524 - الجزء 9

  ويدل قوله: {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أن السمع صفة زائدة على العلم، خلاف ما تقوله البغدادية.

  وتدل الآية أن أفعال العباد حادثة من جهتهم، ولو كانت خلقه تعالى لما كان تَقَدُّمًا من جهتهم؛ إذ هو يخلقه ويوجده.

  ويدل قوله: {لَا تَرفَعُوَا} الآية على وجوب تعظيم الرسول في كل باب حتى في الكلام وفي التسمية؛ لأن الغرض ليس هو رفع للصوت فقط؛ بل هو تنبيه على سائر ما يلزم من إعظامه.

  وتدل أن الكبيرة تحبط الأعمال، ووجوب الاحتراز عما يحبطها.

  وتدل على أن الأفعال والأقوال قد تختلف بالأحوال، فلذلك قبح رفع الصوت مرة عنده، ولم يقبح عند غيره.

  وتدل على أن العدول عن طاعته يحبط العمل؛ لأنه إما أن يكون كفرًا أو فسقًا.

  ويدل قوله: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} أن ذلك يجب بشرط اجتناب الكبائر.

  ويدل قوله: {لَا يَعْقِلُونَ} أنهم لم يعلموا ما لزمهم، فتدل أن المعارف مكتسبة.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ٦ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ٧ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٨ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٩ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ١٠}