التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين 258}

صفحة 1007 - الجزء 2

  نفس الخروج فعل العبد؛ ولذلك يؤمر به ويثاب عليه، فلا بد من حمل الخروج على التسهيل والمعونة والأمر به والحث عليه، يوضحه أن إضافة الطاعات إلى اللَّه تعالى لا يصح إلا على وجه الدعاء والتزيين والتسهيل.

  وتدل على بطلان مذهب الْمُجْبِرَة في المخلوق والاستطاعة والإرادة؛ لأن عندهم اللَّه تعالى يُخرج الكافر من الإيمان إلى الكفر، لا الشيطان، واللَّه تعالى أضاف ذلك إلى الشيطان، وعابه بذلك، فدل أنه منزه منه، وتدل على وجوب موالاة المؤمنين، والبراءة من أهل الضلالة؛ لأنه تعالى بين أنه ولي المُؤْمِنِينَ، ولا يوالي الكافرين.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٢٥٨}

  · القراءة: ظاهر القراءة «ربيَ» بفتح الياء لمكان الألف، وعن الأعمش وحمزة «ربي» بسكون الياء على الأصل.

  والقراء على «بُهِتَ» بضم الباء، وكسر الهاء، أي بهت الكافر على ما لم يسم فاعله، وعن بعضهم «بَهَتَ» بفتح الباء والهاء أي بهت إبراهيم.

  وقرأ أبو جعفر ونافع «أنا أحيي» بمد أنا، وكذلك «أنا أول»، «وأنا آتيكم» وأشباهها كلها ممدودة، فإذا لم يكن بعدها ألف وكانت مكسورة لم يمدوا، كقوله تعالى: {إِن أَنَا إِلَّا نذِيرٌ} وقرأ الباقون بغير مد، وطرح الألف عند الوصل، وإثباتها في الوقف.