التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين 248}

صفحة 982 - الجزء 2

  سعة، كعيشة راضية بمعنى ذات رِضًا، ورجل تامر ذو تمر، عليم يعني مع أنه واسع الفضل، عليم بمصالح الخلق، يعطي امتحانًا واستصلاحًا، وقيل: يعطي على علم بمواقعه، عن أبي علي.

  · الأحكام: تدل الآية على أن المَلِك قد يضاف إلى اللَّه، وإن لم يكن في البعثة كالأنبياء، والمراد أن ينصبه التدبير، ويعطيه الآلات، ولأمر بالانقياد له، فعند ذلك يقال: بعثه اللَّه ملكًا، وفي ملكه [أي] أنه من جهته؛ لأن تصرفه بإذنه.

  وتدل على أن الإمامة والملك ليست بوراثة، ولا تستحق بالغنى، وإنما هي بحسب المصلحة، فمن كانت المصلحة فيه يجعل الملك إليه، فيبطل قول الإمامية: إنه وراثة.

  وتدل أن من شرط الملك أن يكون عالمًا شجاعًا؛ لذلك خص بالذكر العلم والجسم، ولأن لكل واحد منهما تأثيرًا في السياسة والتدبير.

  وتدل أن كل من آتاه اللَّه الملك هيأ له أسبابه؛ لذلك قال: «وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ».

  وتدل على أن الواجب على العبد الرضا بما اختاره اللَّه تعالى له، وليس له أن يختار؛ لأنه لا يعلم المصالح، ولا يعترض بهذا على قولنا: إن الإمامة بالاختيار؛ لأنا نقول: السعة بأمر اللَّه وإذنه، فلا يلزمنا ذلك.

قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٢٤٨}