التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 257}

صفحة 1004 - الجزء 2

  لَهَا» أي لا انقطاع عن السدي وجماعة يعني كما لا ينقطع مَنْ تمسك بالعروة لا ينقطع أمر مَنْ تمسك بالإسلام «وَاللَّهُ سميعٌ» لأقوالكم «عَلِيمٌ» بضمائركم.

  · الأحكام: تدل الآية على أن لا إكراه في الدين، فالصحيح أنه لا يدخله الإكراه؛ لأن الدين ما يتمسك به اعتقادًا، وإنما يتصور الإكراه على إظهار الدين لا على الدين، وقد بينا ما قيل فيه، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ؛ لأنه لو خلق فيهم الدين ومنعهم من خلافه وخلق القدرة الموجبة، فأي إكراه أعظم من هذا؟

  وتدل على أنه تعالى يريد من عباده الإيمان طوعًا.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة؛ إذ لو كانت ضرورية لما صح الوصف بقوله: «قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ».

  وتدل على أن التمسك بعبادته واجب على الدوام، وأنها العروة الوثقى.

  وتدل على أن الكفر والإيمان فعل العبد، وليس بخلق لله تعالى لذلك أضافها إليهم. وتدل على أن العبد مختار لولا ذلك لما صح قوله: «قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشد مِنَ الغَيِّ» ... إلى آخر الآية.

  وتدل على ظهور الحق لمن أراده وتفكر فيه، وأن من لا يعرفه فقدْ أُتِيَ من جهته.

  ومتى قيل: إذا كان لا إكراه في الدين فلم أوجب القتل؟

  قلنا: هو مخير بين الإسلام وقبول الجزية أو القتال، والقتال يجوز أن يكون عقوبة ولطفًا، وليس بإكراه على الدين.

قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢٥٧}