التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم 137}

صفحة 608 - الجزء 1

  «آمنَّا بِاللَّهِ» أمرهم بإظهار ما يدينون به على الشرح، فبدأ بالإيمان بِاللَّهِ؛ لأن ذلك أول الواجبات، ولأنه ما لم يُعْرَف اللَّه تعالى لا يصح معرفة النبوات والشرائع «وَمَا أُنزِلَ إِلَينَا» يعني القرآن نؤمن بأنه حق وصدق، وأنه الذي يجب اتباعه في الحال، وإن تقدمه كتب «وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ» قيل: هم الأنبياء من ولد يعقوب، وقيل: بنو يعقوب يوسف وإخوته عن قتادة والسدي والربيع. «وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى» أي أُعْطِيَا، فخصهما بالذكر؛ لأن لليهود والنصارى في ذكرهما اختصاصًا، ولأنه محاجة عليهم، والمراد بما أوتي موسى التوراة، وما أوتي عيسى الإنجيل «وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ» أي أعطوا «مِنْ رَبّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنْهُمْ» بأن نؤمن ببعض، ونكفر ببعض، كما فعلته اليهود والنصارى «وَنَحْنُ لَهُ» قيل: لما تقدم ذكره، وقيل: لله «مُسْلِمُونَ» قيل: خاضعون بالطاعة، وقيل: مذعنون بالعبودية، وقيل: منقادون لأمره ونهيه، مستسلمون، وقيل: داخلون في دين الإسلام.

  · الأحكام: الآية تدل على وجوب إظهار الحق عند ظهور الخلاف؛ ولذلك قال: «قُولُوا» وذلك إيجاب.

  وتدل على وجوب الإيمان بسائر الأنبياء من غير تخصيص، وإن كانت شرائعهم مختلفة، ولا يلزمنا؛ لأن الإيمان بهم لا يقتضي لزوم شرائعهم.

  وتدل على أن الأسباط كانوا أنبياء، ولا خلاف بين المفسرين أنهم ولد يعقوب.

قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ١٣٧}

  · اللغة: تولى: أعرض.