التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير 6 الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير 7 أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون 8 والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور 9 من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور 10}

صفحة 5830 - الجزء 8

  وتدل على أن الغرور ليس بخلق الله تعالى؛ إذ لو كان خلقه لكان هو الذي غره، فكان يجب التحرز منه.

قوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ٦ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ٧ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ٨ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ ٩ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ١٠}

  · القراءة: قرأ أبو جعفر: «فَلاَ تُذْهِبْ» بضم التاء وكسر الهاء، «نَفْسَكَ» بالنصب من «أَذْهَبَ يُذْهِب»، الباقون بنصب التاء وفتح الهاء، «نَفْسُكَ» بالرفع من ذهب يَذْهَب.

  قراءة العامة: {الْكَلِمُ}، وعن السلمي: «الكلام».

  · اللغة: الحزب: الجماعة، وجمعه: الأحزاب، وتَحَزَّبَ القوم: تجمعوا من مواضع شتى.

  والحسرة: شدة الحزن على ما فات من الأمر، وأصل الباب: الانقطاع، ومنه:

  بعير حسر، وحَسَرَتِ الناقة: انقطع سيرها كلالاً، ومنه: {وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ}⁣[الأنبياء: ١٩] أي: لا ينقطعون عن العبادة، وحسر واستحسر: إذا أعيا، والإعياء: شدة الندم حتى تحسر النادم كما تحسر الذي تقوم دابته في السفر البعيد.