التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين 27 بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون 28}

صفحة 2198 - الجزء 3

  وتدل على أن من لا يعرف الحق قد يكون محجوجًا، ومهلكا لنفسه إذا أمكنه الاستدلال، وتحصيل المعرفة.

قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢٧ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٢٨}

  · القراءة: قراءة العامة «وُقِفُوا» بضم الواو وكسر القاف على ما لم يسم فاعله من الوقف، وقرأ ابن [السَّمَيْقَعِ]: «وقَفُوا» بفتح الواو والقاف على أن الفعل مضاف إليهم من الوقوف، وقرأ ابن عامر «نرد» و «نكذب» بالرفع فيهما، وقرأ الباقون في الثلاثة بالرفع، اتفقوا في رفع «نرد»، واختلفوا فيما بعده، أمَّا الرفع فعلى الاستئناف؛ أي: ونحن لا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين. رددنا أو لم نرد، قال سيبويه: ومثله دعني ولا أعود؛ أي: لا أعود على كل حال تركتني أو لم تتركني، وتصديقه: «وإنهم لكاذبون»، فأما النصب فعلى الصرف؛ أي: ليتنا اجتمع لنا الأمران: الرد وترك التكذيب مع الإيمان، فيجوز أن يكونوا قالوه على الوجهين جميعًا فأكذبوا على الوجه الأول، وأجاز الزجاج أن يكون الواو جوابًا للتمني كالفاء، فيصير بمنزلة لو رددنا لم نكذب ولكنا من المؤمنين، فأكذبوا في هذا، وهو مذهب بعض الكوفيين، ومن البصريين من لا يجيز الجواب إلا بالفاء، فأما ابن عامر فإنه قال: تمنوا الرد، وإن لم يكونوا من المؤمنين، وأخبروا أنهم لا يكذبون بآيات ربهم إن ردوا إلى الدنيا.

  · اللغة: الوقف: مصدر وقَفَتِ الدابة وَوَقَفْتُها، فتتعدى مرة، ولا تتعدى أخرى، يقال: وقفت الدابة وقوفًا، وَقَفْتُها أنا وقفًا، ومنه: الوقف كأنه يوقف على حالة واحدة، ويُقال لمن يأتي شيئًا، ثم ينزع عنه: قد أوقف، قال الشيباني: كلمتهم أوقفت عنهم؛ أي سكت، وسمي الموقِف لوقوف الناس فيه، قال الطِّرِمَّاحِ: