التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم 117}

صفحة 3281 - الجزء 5

  «إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلِيمٌ» فيعلم ضمائركم ويجازيكم بحسبه.

  «إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» خلقًا وملكًا «يُحْيِي وَيُمِيتُ» بأن يخلق الحياة والموت «وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ» قيل: ليس أحد يتولى أمركم ويدفع عنكم، ولا ناصر ينصركم على اللَّه، وقيل: الولي والناصر بمعنى، وهما المعنى، عن أبي مسلم.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه لا يعذب إلا بعد البيان، وإزاحة العلة، وإذا ثبت ذلك، فكيف يعذب بخلق الكفر فيهم؟!

  وتدل على أن أفعالهم فِعْلُهُمْ؛ إذ لو لم تكن لما احتاجوا إلى البيان.

  وتدل على أنهم قادرون على الأفعال، وأن القدرة قبل الفعل؛ إذ لو كانت مع الفعل موجبة لكان وجود البيان وعدمه بمنزلة.

  وتدل على أنه بكل شيء عليم، فحذر عن معاصيه سرًّا وجهرًا، وفي «عليم» مبالغة، واللَّه تعالى عالم بكل شيء، لم يزل، ولا يزال؛ لأنه عالم بنفسه.

قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١١٧}

  · القراءة: قرأ حمزة وحفص عن عاصم «يَزِيغُ» بالياء لتقدم الفعل وهو قراءة الأعمش، قال الأعمش: لو قرأتها بالتاء لقلت كادت، وقرأ الباقون بالتاء لتأنيث قلوب، ويدل عليه ما روي عن ابن مسعود: (من بعد ما زاغت قلوب فريق).