قوله تعالى: {ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور 9 ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور 10 إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير 11}
  وتدل على أن العذاب إذا نزل بهم لا يصرف عنهم حَثًّا على التحرز قبل وقوعه، فالندم بعد وقوعه لا ينفع.
  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ ليصح الابتلاء؛ فيبطل قول مخالفينا في المخلوق.
قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ٩ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ١٠ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ١١}
  · اللغة: الذوق: تناول الشيء بالفم لإدراك الطعم، ذاق يذوق ذوقًا، والذوق: ذوق الأكل، وسميت نعم الدنيا ذوقًا لسرعة زوالها تشبيهًا بما يذاق ثم يزول، كما تسمى أحلام نوم.
  وقال مشايخنا: الحواس خمس: الشم بالأنف للروائح، والذوق بالفم للمطعومات، والسمع للمسموعات بالأذُن، والعين للمرئيات، واللمس للحرارة والبرودة ونحوها.
  قال القاضي: وفي الأربع لا بد من حاسة، فأما الحرارة والبرودة فتدرك بمحل الحياة، فلا يقال بأنها حاسة إلا توسعًا، واللَّه تعالى يدرك جميع هذه الأشياء لا بحاسة.
  قال أبو القاسم: معنى إدراكها علمه بها.
  والنزع: قلع الشيء عن مكانه.
  واليؤوس «فَعُول» من يائس فهو يَؤُوس، أي: كثير اليأس، وهو القطع على عدم ما يتوقعه، ونقيضه: الرجاء.