قوله تعالى: {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم 59 قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين 60 قال ياقوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين 61 أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون 62 أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون 63 فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين 64}
  فلأن لا يقدم على المعاصي المؤدية لنهاية الحسرة أولى، واللَّه - تعالى - قادر على أن ينبت في كل بقعة، ولكن أجرى العادة على ما يشاهدها مصلحة ولطفًا لعباده على ما قدمناه.
  · الأحكام: تدل الآية على عظيم قدرته ووفور نعمته بما أجرى العادة فيما ينبته، وعلى كمال قدرته في ذلك، وقد بينا ما في إجراء العادة من المصالح.
  ومتى قيل: هلا قلتم إنه موجب الأرض والبذر والهواء على ما تقوله الطبائعية؟
  فجوابنا أن ذلك لو كان موجبًا لكان لا يتأخر النبات والثمار، ولكن النبات يختلف في السرعة والإبطاء، ولأن العلة لا تجوز إلا بشيء واحد.
  ومتى قيل: فأي فائدة في العبادة؟
  فجوابنا ما بَيَّنَّا على أنا إذا علمنا أن للعالم صانعًا لا يقدر على الأجسام غيره، وأنه حكيم، وعلمنا أنه أجرى العادة - علمنا أن ذلك لمصلحة وفائدة فيكفي، وإن لم نعلم وجه الفائدة.
  وتدل على أنه أراد من المكلفين الشكر، وأن الشكر فِعْلُهُم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والإرادة.
قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ٥٩ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٦٠ قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٦١ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٦٢ أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ٦٣ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ ٦٤}