قوله تعالى: {ثلة من الأولين 13 وقليل من الآخرين 14 على سرر موضونة 15 متكئين عليها متقابلين 16 يطوف عليهم ولدان مخلدون 17 بأكواب وأباريق وكأس من معين 18 لا يصدعون عنها ولا ينزفون 19 وفاكهة مما يتخيرون 20 ولحم طير مما يشتهون 21 وحور عين 22 كأمثال اللؤلؤ المكنون 23 جزاء بما كانوا يعملون 24 لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما 25 إلا قيلا سلاما سلاما 26}
  ومنها: بيان أحوال الناس ودرجاتهم.
  ومنها: تفضيل السابقين ترغيبًا في مثل حالهم، وقد مكن منه، وأزيح علله، فإذا فاتته تلك المنزلة فمن جهته، وكان شيخنا أبو علي كثيرًا ما ينشد:
  السِّبَاقَ السِّبَاقَ سِرًّا وَجَهْرًا ... حَذَرَ النَّفْسِ حَسْرَة الْمَسْبُوقِ
قوله تعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ١٣ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ١٤ عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ١٥ مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ ١٦ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ١٧ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ١٨ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ ١٩ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ٢٠ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ٢١ وَحُورٌ عِينٌ ٢٢ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ٢٣ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٤ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ٢٥ إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ٢٦}
  · القراءة: قرأ عاصم وحمزة والكسائي: «يُنْزِفونَ» بكسر الزاي، يعني لا يفنى خمرهم، يقال: أَنْزَفَ الرجل: إذا فني خمره، وفي الحديث: «زمزم لا تنزف ولا تذم» أي: لا يفنى ماؤها. وقرأ الباقون بفتح الزاي، ومعناه: لا يسكرون، يقال: نُزِفَ الرجل ينزف: إذا ذهب عقله من السكر، والأصل فيهما واحد، وهو نفاذ الشيء وذهابه، يقال: نزف دمه: إذا خرج كلُّه، والسكران: نزيف إذا نزف، عقله، والنزف: نزوح ماء البئر كله، شيئا بعد شيء، ونزف الرجل في الخصومة: إذا انقطعت حجته، وأنزف القوم: نفذ شرابهم.
  قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي: «وحورٍ عينٍ» بالكسر في الحرفين، وقرأ إبراهيم النخعي، وأشهب العقيلي: «وحورًا عِينًا» بالنصب، وقرأ نافع وابن كثير وعاصم، وابن عامر وأبو عمرو، ويعقوب: «حُورٌ عِينٌ» بالرفع، أما الكسر: فللعطف على ما