التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون 13 قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون 14 فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون 15}

صفحة 3606 - الجزء 5

  · الأحكام: تدل الآية على أنهم كانوا صبيانا صغارًا من وجهين:

  أحدهما: قوله: «نرتع ونلعب» وهذا لا يكون من كلام البالغين أن يستأذنوا في اللعب.

  وثانيهما: إذنه لهم، وترك الإنكار.

  ويدل قوله: «وإنا له لحافظون» على كونه صبيًّا يحتاج إلى الحفظ.

  وتدل على ظهور حسدهم ليوسف حيث منعه يعقوب عن الخروج معهم، وأنه كان يحرسه منهم، ولا يأمنهم عليه، وإنما منعه خوفًا عليه منهم.

  ومتى قيل: كيف يكون اثنا عشر ولدًا كلهم أطفال؟

  قال أبو علي: كانوا بني عَلَّاتٍ، فلا يمتنع تقارب سنهم، فلا يستنكر ذلك.

  ومتى قيل: هل تدل الآية على إباحة اللعب؟

  قلنا: اللعب لا يباح للمكلفين، ولكن كانوا صبيانًا، وقيل: في اللعب ما هو مباح كالرمي والاستباق، وقد روي عن النبي ÷: «أنه كان يمر بالحسن والحسين - ª، وهما يلعبان فلا ينكر»، وروي أنه قال: «كل لعب حرام إلا ثلاثة: لعب الرجل مع فرسه، وقوسه، وأهله»، وفي حديث أبي رافع: كنت ألاعب الحسن والحسين @ بالمداحي، وله تفسير ليس هذا موضعه قد استقصيناه في (جلاء الأبصار).

قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ١٣ قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ١٤ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ١٥}