التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون 187}

صفحة 778 - الجزء 1

  عليه الفقهاء والمفسرون أن الاعتبار بغروب الشمس، وهو قول ابن عباس. وقيل:

  زوال آثار الشمس وظهور الظلام، وظهور كوكب من كواكب الليل.

  · الأحكام: الآية تدل على إباحة الأكل والشرب والجماع كل الليل.

  وتدل على أن الجنابة لا تمنع صحة الصوم؛ لأنه أباح الجماع كل الليل، ولو منعه لما كان مباحًا، ولأنه إذا وقع الجماع آخر الليل وقع الغسل بالنهار.

  وتدل على أن له أن يجامع ويأكل ما لم يعلم تقضِّي الليلِ، فيبطل قول من يقول: إذا شك في طلوع الفجر فأكل أو جامع بطل صومه.

  وتدل على أن ابتداء الصوم من حين الفجر، فإن أكل وقد طلع الفجر وهو يظن أنه لم يطلع وجب القضاء، ولا كفارة للشبهة، وكذلك إذا أفطر على ظن أنها غربت، ثم بَانَ خِلاَفُه قَضَى ولا كفارة. ومن أكل ناسيًا لا قضاء عليه، هذا قول أبي حنيفة وأصحابه وأكثر أهل العلم، وعن الحسن: لا قضاء في الوجوه الثلاثة، وقال مالك بن أنس: عليه القضاء في الناسي أيضًا، وقال واصل: لا قضاء في أول النهار، وعليه القضاء في آخره، كأنه يراعي الأصل.

  وتدل على جواز النية بعد الفجر؛ لأن «ثم» للتعقيب، كأنه إذا نوى بعد الفجر وَتَبَيَّنَهُ صح، خلاف ما يقوله الشافعي: إن النية من الليل شرط، ولا خلاف في أن الآية وردت في صوم رمضان.

قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ١٨٧}