التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين 7 كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون 8}

صفحة 3036 - الجزء 4

  وتدل على أن المشرك يجوز أن يدخل المسجد لسماع كلام اللَّه.

  وتدل على أن الكافر إذا طلب من الإمام استماع الحجة لا يجوز قتله.

  وتدل على أن المتلو كلام اللَّه والمسموع كذلك، وهذا ظاهر على مذهب شيخينا أبي علي وأبي هاشم، أما عند أبي علي فعين كلامه - تعالى - يسمع من الثاني على مذهبه في الحكاية والمحكي، وأما عند أبي هاشم فالشرع والعرف جعل الحكاية كعين المحكي، يقال: هذا كلام أبي حنيفة، وشعر امرئ القيس، وكلام قس، ولكن يبطل مذهب الكلابية أن كلامه - تعالى - لا يسمع؛ لأنه نص على سماع كلامه، وإنما تسمع الحروف المنظومة.

  وتدل أن كلامه محدث.

  وتدل على أن التوبة والصلاة وأداء الزكاة فعل العبد، وكذلك الاستجارة، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق -. ومن وجه آخر أنه - تعالى - أوجب قبول الأمان ليسمع كلام اللَّه، فيؤمن، ولو كان الإيمان خلقه لما اختلفت بسماع الحجة، ولما كان للإمهال فائدة.

قوله تعالى: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ٧ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ٨}

  · القراءة: قرأ العامة «إِلًّا» بالتشديد بغير ياء، وعن عكرمة «إيلا» بالياء والتخفيف على أنه اسم اللَّه تعالى، نحو ما ذكرنا في جبريل وميكايل.