التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون 179 ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون 180 وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون 181}

صفحة 2787 - الجزء 4

  ورووا في بعض الأخبار أنه لما توجه ليدعو على موسى ركب أتانًا فلم يمشِ، وقال: ويحك يا بلعم، أتدعو على نبي اللَّه والمؤمنين، وهذا إن صح فهو معجزة لموسى #؛ لأنه لا يجوز إظهار المعجزة على الكذابين، وإنما ذكرنا طرفًا من هذا الحديث، وإلا فرواياتهم طويلة نبهنا على جملتها.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ١٧٩ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٨٠ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ١٨١}

  · القراءة: قرأ حمزة والأعمش ويحيى بن وثاب «يَلْحَدُونَ» بفتح الياء والحاء هاهنا، وفي (النحل) {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ}، وفي (حم) {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ} ووافقه الكسائي في (النحل).

  والباقون جميع ذلك بضم الياء وكسر الحاء وهما لغتان صحيحتان، لحد يَلْحَدُ لحدًا ولحودًا، نحو فتح يفتح، وألحد إلحادًا، وهو الميل عن الحق، ومنه: لحد القبر.

  فأما الكسائي فكان يفرق بين الإلحاد واللحود، ويقول: التي في (النحل) بمعنى الركون.

  وقال الأحمر: لحدت: جُرْتُ وَمِلْتُ، وألحدت: جادلت وماريت، ومنه: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ}.