التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا 35}

صفحة 1547 - الجزء 2

  وتدل على أن من له حق على غيره فامتنع أن له أن يتوصل إلى استيفائه بالأسهل فالأسهل.

  وتدل على أن المرأة إذا أطاعت فلا سبيل عليها، وكل ذلك تأديب من اللَّه تعالى في معاشرة الأزواج والأخلاق.

قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ٣٥}

  · اللغة: الشقاق: المخالفة، وأصله الشق، وهو الحد الباين، والشقاق: الخلاف للعداوة؛ لأن صاحبه يصير في شق غير شقه بالعداوة، ومنه: المشقة، يقال: شاقه مشاقة وشقاقًا إذا عاداه.

  وأصل التوفيق الموافقة، وهي المساواة في أمر من الأمور، والتوفيق: اللطف الذي يتفق عنده فعل الطاعة لمساواته في الوقت، والاتفاق في الجنس المساواة بينهما.

  · الإعراب: الضمير في «بينهما» يعود إلى الزوجين، وفي قوله: «يُوَفِّقِ اللَّهُ بَينَهمَا» يعود إلى الحكمين، وقيل: على الزوجين أيضًا، و «يريدا» قيل: كناية عن الحكمين، وقيل:

  كناية عن الزوجين.

  «شقاق» نصب ب «خفتم»، «فابعثوا» جزم لأنه أمر.

  «حَكَمًا» نصب ب «فابعثوا».

  · المعنى: لما تقدم بيان حسن المعاشرة عند اتفاقهما وبيّن الأمر عند مخالفة أحدهما ونشوزه بيَّن الحكم في حال الشقاق إذا التبس الأمر، فقال تعالى: «وَإنْ خِفْتُمْ» قيل: هو خطاب للمؤمنين عن أبي علي، وقيل: خطاب للإمام عن القاضي، يدل عليه أنه