التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون 42 فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون 43 فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون 44 فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين 45}

صفحة 2232 - الجزء 3

  وتنسون ما تشركون فيكشف هو ذلك، والمعنى لا تدعون غيره، بل تدعونه لكشف ذلك «فَيَكْشِفُ» عنكم «مَا تَدْعُونَ إِلَيهِ إِنْ يشَاءَ» وإنما علقه بالمشيئة؛ لأن عذاب الاستئصال بالدعاء قد يزول، وقد لا يزول بحسب ما يرى من المصلحة، وقيل: هذا في محن الدنيا والشدائد والأمراض، عن الأصم، وذلك يوجب جواز الدعاء للكافر الممتحن.

  ومتى قيل: أيزول عذاب الساعة بالدعاء؟

  قلنا: اللَّه قادر على إزالته، والمراد بيان القدرة.

  «وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ». وقيل: تعرضون عنه إعراض الناسي، عن الحسن، وقيل:

  تتركون ما سواه، عن الزجاج «مَا تُشْرِكُونَ» قيل: من تشركون، وقيل: (ما) مع (تشركون) بمنزلة المصدر، أي وتنسون شرككم.

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الانقطاع إليه تعالى وترك الاتكال على غيره، وأنه المفزع المدعو عند الشدائد.

  وتدل على أن مَنْ عَبَدَ غيره فعند البليات ينساه؛ لأنه لا يقدر على نفع أو ضر، فنبه بذلك على وجوب عبادته، وأَلَّا يشرك معه غيره.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ٤٢ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٤٣ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ٤٤ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٤٥}