التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص 109 ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب 110 وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير 111}

صفحة 3571 - الجزء 5

  فأما حمل الآيتين على قطع الخلود - كما تزعمه الجهمية في فناء الجنة والنار - فباطل بالإجماع، ومما علم من دين الرسول ضرورة أن أهل الجنة يخلدون، وأن الكفار يخلدون، وإنما الخلاف في الفساق.

  وقال وكيع بن الجراح: كفرت الجهمية بأربع آيات من كتاب اللَّه تعالى: {لَّا مَقطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} وقالوا: تقطع وتمنع.

  والثاني: قوله: (أكُلُهَا دَآئِمٌ) وقالوا: لا يدوم.

  والثالث: قال تعالى: {وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ} وقالوا: لا يبقى.

  والرابع: قوله تعالى: «عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ» ولا شبهة في كفرهم؛ لأنهم ردوا ما عُلِمَ من دين الرسول ضرورة، وما نطق به القرآن.

قوله تعالى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ ١٠٩ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ١١٠ وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ١١١}

  · القراءة: اختلف القراء في «وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا» قرأ ابن كثير ونافع بتخفيف (إنْ)، وتخفيف (لَمَا)، وقرأ أبو جعفر وابن عامر وحفص عن عاصم بتشديد (إنَّ) وتشديد (لَمَّا)، وقرأ أبو عمرو والكسائي ويعقوب وخلف بتشديد (إنَّ) وتخفيف (لَمَا)، وقرأ أبو بكر عن عاصم بتخفيف (إنْ) وتشديد (لَمَّا)، وقرأ الزهري: (لَمًّا) بالتنوين والتشديد.

  أما وجه قراءة نافع وابن كثير: فإن المراد به (إن) الثقيلة خففت، و (ما) صلة وزائدة (إن كلًّا ليوفينهم).