التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين 143}

صفحة 2705 - الجزء 4

  الصلاح أن يعتكف ثلاثين ليلة عند الميقات على العبادة لكي يكلمه اللَّه، وينزل عليه التوراة، ثم بعد ذلك تعبده بعشر أخر متوقعًا وعده.

  وتدل على أنه استخلف هارون عند خروجه لما رأى أنهم أشد طاعة له وأكثر قبولاً منه، ومخاطبات موسى # وجوابه له لقوله: {أَفَعَصَيتَ أَمْرِى} وقول هارون: {لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي} {فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ} كل ذلك كالدال على أن موسى كان يختص بنوع من الولاية، وإن اشتركا في النبوة، والظاهر أنه استخلفه إلى أن يرجع؛ لأنه المعقول من الاستخلاف عند الغيبة.

  وتدل على أنه يجوز أن ينهاه عن شيء يعلم أنه لا يفعله، ولأمره بما يعلم أنه سيفعله؛ عظة له واعتبارا لغيره، وتأكيدًا ومصلحة للجميع.

قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ١٤٣}

  · القراءة: قرأ حمزة والكسائي «دكاء» بالمد والهمزة. وقرأ الباقون بالتنوين غير مهموزة ولا ممدودة، فمن قصره فمعناه: جعله مدكوكًا، والدك والدق