التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون 272}

صفحة 1046 - الجزء 2

  وقيل: هو في الزكاة المفروضة والتطوع، عن الحسن وقتادة «وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ» أي يستر عليكم ذنوبكم بالعفو، فلا يعاقبكم بها.

  ومتى قيل: فما الفرق بين دخول (من) وسقوطها في «مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ»؟

  قلنا: قيل: (من) للتبعيض، وقيل: (من) زائدة «وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» أي عالم بأعمالكم ما تخفون وما تعلنون.

  · الأحكام: يدل قوله: «أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ» على أن النذر من القربات.

  وتدل على أن المنذور يلزم بمنزلة إلزامه تعالى من حيث قرنه بالإنفاق الواجب.

  وتدل على ألا شفيع للظالمين في الآخرة، فيبطل قول المرجئة في الشفاعة؛ إذ لو صح ما يقولون لم يكن نصره أقوى من ذلك.

  ويدل ظاهر قوله: «وَإنْ تُخْفُوهَا» الآية. أن الإخفاء في جميع الصدقات أفضل، إلا أن العلماء اختلفوا في المراد بالآية على ما بينا، والأولى ما ذهب إليه أبو علي؛ لأنه أبعد من التهمة، ولأنه يجب دفع أكثره إلى الإمام.

  وتدل على أن مصرف الصدقات الفقراء فوجب أنه إذا أعطى زكاته فقيرًا جاز خلاف ما يقوله الشافعي أنه لا بد أن تجعل في الأصناف الثمانية.

  وتدل على أن هذا الفعل يكفر السيئات، والمراد به الصغائر؛ لأنه لا يكفر الكبيرة؛ ولذلك لا تسقط الحدود والدم عن صاحبه.

قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ٢٧٢}