التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون 26 ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين 27 الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون 28 فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين 29}

صفحة 4018 - الجزء 6

  أن ينقص من أجورهم شيئاً، وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً»، «بِغَيْرِ عِلْمٍ» بما يلزمهم على ذلك الإضلال، وقيل: لا يعلمون الحق، وإنما يتبعون الهوى تًقليداً أو عناداً «أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ» أي: بئس الحمل حملهم، واللام في قوله: «لِيَحْمِلُوا» قيل: لام العاقبة، لأنهم دعوا إلى الضلال ظناً منهم بأنهم على حق، ولكن لما كان عاقبة أمرهم ذلك صار كأنهم فعلوا ذلك لأجله. وقيل: هو لام كي، وكانوا معاندين.

  · الأحكام: تدل الآية على أن من يضل غيره يستحق مثل عقاب من ضل إذ المعلوم أن غير الأول لا يحملها، فلا بد من الحمل على مثل، والمراد العقاب، ولا شبهة أنه لا يلزمه العقاب بفعل من أضله فلا بد من حمله على أنه يلزمه بالإضلال والدعاء إلى الضلال.

  وتدل على أن هذا القول من رؤسائهم ومقدميهم دون أتباعهم.

  وتدل على أنَّهم أضلوا الأتباع خلاف ما يقوله أهل الجبر: أن المضل هو اللَّه تعالى.

  وتدل على أن المعارف مكتسبة لذلك جاز قوله: {يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}.

قوله تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ٢٦ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ٢٧ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٢٨ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ٢٩}