التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا 41 قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا 42 سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا 43 تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا 44}

صفحة 4213 - الجزء 6

  كسب، دعوا اللغة العربية وبينوا في الفعل إبراء العبد ليضاف إليه؟ فلم يمكنهم، ومذ زمان طويل نحن نطالبهم بأن يعقلونا معنى الكسب فلم يحصل إلا أن الفعل حله مع القدرة عليه، فنقول لهم: ما معنى عليه، أعلى إيجاده؟ فهو ما نقول، فقالوا: لا، بل على اكتسابه، فقلنا لهم: هو ذا تفسرون الكسب بالكسب.

  ثم يقال لهم: إذا كان الفعل والقدرة كلاهما يوجدان معاً، ويعدمان معاً، وكلاهما من خلق اللَّه تعالى فلم صار الفعل بأن كان كسباً للعبد أولى من القدرة.

  ثم يقَال لهم: هب أن الكسب مفعول هل يقدر العبد على اكتسابه إذا لم يخلقه اللَّه تعالى، فمن قولكم: لا فنقول: فهل العبد إلا مجبور، فقد عاد مذهبكم إلى مذهب جهم.

  ويقال لهم: هل يصح أن يخلقه اللَّه تعالى حتى يكسبه العبد فقالوا: لا، فقلنا:

  هل يكسبه العبد حتى يخلقه اللَّه تعالى؟ قالوا: لا، قلنا: فهذا هو الشركة، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا ٤١ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ٤٢ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ٤٣ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ٤٤}