التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3}

صفحة 225 - الجزء 1

  ينف غيرهم، وبَيَّنَ في آية أخرى أنه هدى للناس، والمتقين: يعني المؤمنين، وقيل: مَنْ اجتنب الكبائر، وقيل: من يتقي ما يوجب العقاب، وعن النبي ÷: «جماع التقوى في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}⁣[النحل: ٩٠] الآية».

  ومتى قيل: فالهدى على كم وجهًا؟

  قلنا: على ثلاثة أوجه: بمعنى الدلالة، وهو عام للمكلفين، لذلك قال: {هُدًى لِلنَّاسِ}، وبمعنى اللطف كقوله: {وَزِدناهم هُدًى} وهو خاص لمن له لطف، وبمعنى الثواب والجنة كقوله: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ٤ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ٥} وهذا خاص للمؤمنين.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الهدى هو الدلالة؛ لذلك وصف الكتاب به خلاف قول الْمُجْبِرَة: إن الهدى هو الإيمان.

  وتدل على وجوب النظر في القرآن من حيث جعله هدى وطريقا للحق، فيبطل قول من يرى التقليد.

  وتدل على بطلان مذهب أصحاب المعارف؛ إذ لو كانت المعرفة ضرورة لم يكن لنصب الأدلة داعِ، وجعل القرآن هدى معنى.

  وتدل على أَنه كان مكتوبا، وعلى تأويل الأصم الكلام ظاهر، فأما على غيره فقيل: كان مكتوبا في اللوح المحفوظ، والفائدة فيه مصلحة الملائكة.

قوله تعِالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣}

  · القراءة: قرأ أبو جعفر وعاصم في رواية الأعشى عن أبي بكر بترك كل همزة ساكنة مثل: