قوله تعالى: {ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين 21 وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل 22 قال فرعون وما رب العالمين 23 قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين 24 قال لمن حوله ألا تستمعون 25 قال ربكم ورب آبائكم الأولين 26 قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون 27 قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون 28 قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين 29 قال أولو جئتك بشيء مبين 30}
  والجواب عن الثاني: أنه طلب تقوية لنفسه وليكون الوصول إلى البغية أقرب، ويكون أقوى على الأداء، فأما الاستعفاء فلا يجوز ألبتَّة على الأنبياء، ولا بد أن يكون مأذوناً له في السؤال من جهته تعالى، وإذا أذن لا بد أن يجيب، ولأنه تعالى يعلم المصالح فلا بد في السؤال أن يكون صادرًا عن أمر.
  ومتى قيل: لم قال: «اذهب أنت»، ثم قال: «اذهبا»؟
  قلنا: أَجْمَلَ في الأول وفَصَّلَ في الثاني.
  ويدل قوله: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} أن في الذنوب ما يبقى وهو الكبائر وبعض الصغائر.
  وتدل على أنه تعالى وعدهم النصرة والمعونة فأيدهما بالمعجزة والدلالة وأمنهما من الخوف والمضرة، وكل ذلك يدل على أن الواجب العصمة حتى يؤدي الرسالة.
  ويدل قوله: {الضَّالِّينَ} على تقصير منه في قتل القبطي، فيحتمل أنه لم يكن بذلك عاصياً، وفعل ذلك على ظن أنه لا يأتي على النفس، وقد بينا ما قيل فيه، ولا يصح حمله على الضلال في الدين؛ لأن ذلك لا يجوز على الأنبياء؛ لأنه يقطع الولاية، ويوجب اللعن والعقوبة والعداوة، فلا يجوز على الأنبياء.
  وتدل أن التقرير والإيمان والكفر والضلال فِعْلُ العبد.
قوله تعالى: {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ٢١ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٢٢ قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ٢٣ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ٢٤ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ٢٥ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ٢٦ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ٢٧ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ٢٨ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ ٢٩ قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ ٣٠}