قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين 93}
  جَاءَكُم» هذا وإن كان خطابًا لمن كان في عصر النبي فالمراد ما فعل آباؤهم على عادة جارية للعرب بتقريع الأبناء بفعل الآباء، وقيل: أراد أنكم سلكتم في التكذيب والعناد طريق أسلافكم، فإنهم بعد الآيات ورؤيتها اتخذوا العجل، فلا غرو أن كفرهم بالقرآن وإن اتضح دلالته ككفر أسلافهم بعد رؤية آيات «مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ» أي بالحجج، وقيل: أراد الآيات التسع التي ذكرها اللَّه تعالى في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ} وهي: العصا، واليد، وانفلاق البحر، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ورفع الطور، وإحياء الميت عند ضربه ببعض البقرة، وقيل: هي الآيات التي ألزمت الحجة، وأزالت الشك «ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ» يعني اتخذتم العجل إلها وعبدتموه «مِنْ بَعْدِهِ» أي: من بعد موسى، وقيل: بعد مجيئه بالآيات، وقيل: من بعد مجيئه الميقات، «وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ» لأنفسكم بكفركم حيث وجبت لكم العقوبة.
  · الأحكام: الآية تدل على تقريع اليهود بفعل أسلافهم حيث وافقوهم في أديانهم، وصوبوا أفعالهم، كما يقال لبني تميم: رهنتم قوسكم كسرى، وإنما رهنها رجل منهم، وتقول للرجل إذا ذهب مذهبًا: أنتم تقولون كذا، وتريد بعض أسلافه.
  وتدل على عظيم ذنبهم لمخالفتهم البينات، وذلك يوجب بطلان قول أصحاب المعارف.
  وتدل على أن الكفر ظلم.
قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٩٣}
  · اللغة: الأخذ: نقيض الإعطاء.