التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون 160}

صفحة 1367 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية على اختصاصه ÷ بمكارم الأخلاق وحسن الفعال، وقد قال تعالى:

  {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ٤}، وسئلت عائشة عن خلقه فقالت: كان خلقه القرآن {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ١٩٩}.

  وتدل على أن الواجب التمسك بمحاسن الأخلاق خصوصًا لمنْ يدعو إلى اللَّه ويأمر بالمعروف.

  وتدل على أن التفرق فعلهم؛ إذ لو كان خلَقَه تعالى لما اختلف ذلك بأحواله ÷ وذلك يبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

  وتدل على قولنا في اللطف؛ لأنه نبه أنه لولا رحمته لم يقع اللين ولو لم يقع لما أجابوك، فبين أن الأمور المنفرة تنفى عنه وعن سائر الأنبياء À وذلك يوجب تنزيههم عن الكبائر؛ لأن التنفير فيه أكثر.

  وتدل على حسن المشاورة في الأمور وقد بينا أن أمور الشرع لا تدخلها المشاورة وإنما تثبت بدليل شرعي فلا بد أن تحمل على أمور الدنيا ومكايد الحرب، وقد روي أنه كان يرجع إليهم في كثير من ذلك.

  وتدل على أن لغير النبي ÷ المشاورة في الأمور؛ لأنه إذا تعبد به هو فغيره أولى.

  وتدل على أن ما طريقه الاجتهاد من أمور الدين عند الاشتباه يجب فيه المشاورة خصوصًا على الحكام والمدفوعين إلى تنفيذ الأحكام.

  وتدل على أن الأحكام قد تتعلق بغالب الظن، فتدل على وجوب الانقطاع إلى اللَّه تعالى والتوكل عليه في الأمور.

قوله تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ١٦٠}

  · القراءة: «يَخْذُلْكُمْ» بفتح الياء وضم الذال، قراءة العامة، وعن عيسى بن عمر بضم الياء