التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون 15 أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون 16}

صفحة 3468 - الجزء 5

  بالقتل والأسر، وعاب دينهم وآلهتهم وآباءهم، وكانوا أحرص الناس على إبطال أمره، لما يدعي عليهم من التقدم والرياسة، ولما عابهم وما جاءوا حتى بذلوا المهج والأموال في إبطال أمره، وعدلوا عن أمر سهل يبطل أمره، إلى أمر صعب شاق لا يدل على بطلانه، فالأول المعارضة، والثاني المقاتلة؛ لأن المُحِقَّ قد يُقْتَل، فعدولهم من أدل الدليل على عجزهم.

  وتدل الآية على صحة الحجاج في الدين وبطلان التقليد.

  وتدل على أن القرآن بلغ في نظمه وفصاحته وحسن معناه مبلغًا حتى صار معجزًا.

  وتدل على أنه لم يكن معجزة للصرفة على ما يزعمه بعضهم؛ لأنه كان بالركيك من الكلام أبلغ في الإعجاز، ولأن الصرفة تقدح في كمال العقل؛ لأن العلم بالصناعات من كمال العقل.

  وتدل على أن ما قالوا وفعلوا فعلهم لذلك توجه الذم عليهم.

  وتدل على أن للقرآن مثلاً حتى يصح التحدي.

قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ١٥ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٦}

  · اللغة: التوفية: أداء الحق على التمام، وفيت حقه وأوفيته، وقيل: وفَّى بالتشديد، ووَفَى بالتخفيف بمعنى، إلا أنه بالتشديد أوكد.

  والبَخْسُ: نقصان الحق، بخسه بخسًا: إذا نقصه، وكل ظالم باخسٌ؛ لأنه يظلمه بنقصان الحق.